ليه الناس بتتغير مع مرور الوقت؟

التغير جزء طبيعي وضروري من حياتنا، ومهما حاولنا نتمسك بصفات أو عادات معينة، التغير بيكون نتيجة لتأثير عوامل كتير زي البيئة، الزمن، التجارب، والمجتمع. في المقال ده، هنتكلم بالتفصيل عن الأسباب اللي بتخلي الناس تتغير مع مرور الوقت، وهنجاوب على الأسئلة اللي ممكن تدور في بالك بخصوص الموضوع ده من منظور نفسي واجتماعي عميق.

• 1. التجارب الشخصية القاسية والإيجابية: التجارب هي أكتر حاجة بتغير الناس. لما شخص يمر بمواقف صعبة، زي فقدان شخص عزيز، مرض مزمن، أو فشل كبير، بيبدأ يشوف الدنيا من منظور مختلف تماماً ويعيد بناء قيمه وأولوياته. التجارب السعيدة (زي إنجاب طفل، النجاح المهني الكبير) كمان ليها تأثير إيجابي، لأنها بتخلي الشخص يكتسب ثقة جديدة ويطور من نفسه عشان يحافظ على النجاح ده.
• 2. تأثير البيئة والمجتمع الجديد: البيئة اللي بنعيش فيها ليها تأثير كبير علينا. الانتقال من مدينة لمدينة، أو تغيير الدوائر الاجتماعية، بيفرض تغيير في السلوكيات والأفكار. المجتمع بيفرض قواعده الثقافية، والشخص بيتأقلم عليها عشان يكون جزء منه أو يرفضها تماماً، وفي الحالتين ده بيغيره.
• 3. الزمن والنضج الفكري (Biopsychosocial Development): مع تقدم العمر، الناس بتبدأ تفكر بشكل أعمق وأهدى. حاجات كتير كانت بتهمهم في شبابهم بتفقد أهميتها لما يكبروا. التجارب المتراكمة والنضج الفكري بيخلوا الشخص يعيد ترتيب أولوياته ويبحث عن المعنى والهدف بدل الشهرة السريعة.
• 4. التكنولوجيا والعصر الحديث: التكنولوجيا أثرت على حياتنا بشكل غير مسبوق. السوشيال ميديا خلتنا منفتحين على ثقافات وأفكار مختلفة، وده سرّع من وتيرة التغير في الأفكار والمعتقدات، خصوصاً عند الأجيال الأصغر سناً، اللي بتتأثر بالقيم العالمية أكتر من المحلية.

التغير مش بيحصل فجأة، ده رحلة مستمرة بتبني الهوية في كل مرحلة عمرية:

• المراهقة وتكوين الهوية: في المرحلة دي، بيكون التغير في ذروته. المراهق بيحاول يكتشف مين هو، بيجرب أدوار اجتماعية مختلفة، وبيبدأ يتحدى سلطة الأهل والمعتقدات القديمة. التغير هنا بيكون سريع وملحوظ، وبيعتبر بحث عن "الهوية مقابل تشوش الدور" زي ما قال عالم النفس إريك إريكسون.
• الرشد المبكر (20-40 سنة): التغير هنا بيكون موجه نحو الاستقرار وبناء العلاقات العميقة والمسار المهني. بتبدأ الأولويات تتحول من الأصدقاء إلى الأسرة والشريك. التغير بيكون موجه نحو "الحميمية مقابل العزلة"، ومحاولة إيجاد مكانة ثابتة في المجتمع.
• منتصف العمر (40-65 سنة): التغير بيكون في صورة تقييم للحياة الماضية. الشخص بيبدأ يفكر في إنجازاته ويسأل نفسه: "إيه الأثر اللي سيبته؟" التغير هنا بيدفعه نحو "الإنتاجية مقابل الركود"، وبيكون هدفه الأهم هو نقل الخبرة للأجيال اللي جاية.
• مرحلة الشيخوخة: التغير بيكون في تقبل النهاية وإعادة تقييم كل حاجة حصلت. النضج هنا بيوصل لذروته وبيكون الهدف هو "تكامل الذات مقابل اليأس".

التغير مش بس نفسي أو اجتماعي، جسمنا كمان بيتغير وبيدعم التغيرات دي:

• التغيرات الهرمونية: فترات زي البلوغ، الحمل، أو انقطاع الطمث (Menopause) بتسبب تقلبات هرمونية ضخمة بتأثر بشكل مباشر على المزاج والسلوك وطريقة التفكير.
• مرونة الدماغ (Neuroplasticity): الدماغ البشري مرن، ومع كل تجربة جديدة (تعلم لغة، تحدي جديد)، بيغير مساراته العصبية. التغير ده بيخلينا نفكر بطريقة مختلفة تماماً عن اللي كنا عليها قبل كده.
• التأثير الصحي: الأمراض المزمنة، أو الإصابات اللي بتأثر على المخ (زي الصدمات الرأسية)، أو حتى الأمراض النفسية (زي الاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب) ممكن تسبب تغيرات مفاجئة وغير مرغوبة في الشخصية، وده بيخلينا لازم نفرق بين التغير الطبيعي والتغير المرضي.

في فرق بسيط بس جوهري بين الكلمتين في علم النفس والسلوك:

1. التغير (Change): ده تحول بيحصل في الشخصية أو السلوك بشكل لا إرادي أو غير مخطط ليه، غالبا نتيجة صدمة، ظرف قاهر، أو مرور الزمن. زي إن حد يبقى أكثر هدوءا بعد ما يكبر في السن.
2. التغيير (Transformation/Making a Change): ده تحول بيتم  بإرادة ووعي كاملين. الشخص بيضع خطة واضحة عشان يطور صفة معينة أو يكتسب مهارة جديدة. التغيير دايما مرتبط بالتطوير الشخصي والنمو.

العلاقات بين الناس هي أكتر مجال بيتأثر بالتغير. لما شخص يتغير، ده بيأثر مباشرة على علاقاته، سواء إيجابيا أو سلبيا:

• العلاقات الإيجابية: التغير أحياناً بيكون سبب لتحسين العلاقات. مثلا، شخص يطور من نفسه ويبدأ يكون أكثر تفهما لشريكه ويقلل من الأنانية.
• العلاقات السلبية والقطيعة: أحيانا، التغيرات الكبيرة زي اختلاف القيم أو الأهداف (كأن واحد يكون عملي جدا والتاني يكتشف ميله للحياة الروحانية) بتؤدي لإنهاء علاقات مش متناغمة، وده بيكون مؤلم بس ضروري لنمو كل طرف على حدة.
• الحفاظ على العلاقات: التفاهم هو المفتاح. لو الطرفين متقبلين لتغيراتهم الطبيعية ومستعدين يتناقشوا فيها ويدعموا بعض، العلاقة غالباً هتكون أقوى وأكثر نضجاً.

التعامل مع النفس وقت التغير بيحتاج خطوات معينة:

1. تقبل الذات بمرونة: مفيش مشكلة إننا نتغير، لأن ده دليل على النمو والحياة. التغير طبيعي ومش فشل. تقبل النسخة الجديدة من نفسك هو أول خطوة.
2. تحديد الأولويات بوعي: اسأل نفسك: "إيه الحاجات اللي بقت أهم بالنسبة لي دلوقتي؟" وحاول تركز طاقتك ووقتك عليها، بدل ما تحاول تتمسك بالماضي.
3. التعلم المستمر وتوثيق التجربة: حاول تستفيد من كل تجربة جديدة، سواء إيجابية أو سلبية، واعتبرها فرصة للتطوير. ممكن كمان تكتب يوميات عشان توثق مسار التغير ده.
4. الدعم النفسي: لو حسيت إنك مش قادر تتعامل مع التغيرات الكبيرة أو حسيت بضياع، اطلب المساعدة من متخصص (Therapist) يقدر يساعدك تفهم التغيرات اللي بتحصل فيك وتوجهها صح.

ليه بعض الناس بيخافوا من التغير؟

الخوف من المجهول وفقدان السيطرة هو السبب الأساسي. كتير من الناس بيخافوا يخرجوا من "منطقة الراحة" ويفضلوا الوضع الحالي حتى لو مش مثالي، لأنهم عارفين نتائجه، على عكس المستقبل اللي مجهول.

هل التغير دايما بيكون للأحسن؟

مش شرط. التغير ممكن يكون إيجابي (تطور ونضج) أو سلبي (نتيجة صدمة أو مرض). المهم إن الشخص يكون واعي لتغيراته ويحاول يعمل "تغيير" إرادي وواعي عشان يوجه المسار للإيجابية باستمرار. النمو الحقيقي بيجي من التعلم من التغيرات السلبية.

إزاي نتعامل مع التغير في الآخرين؟

• التفاهم: نحاول نفهم الأسباب ورا تغيرهم بدلا من الحكم عليهم أو نقد سلوكهم الجديد.
• الصبر: التغير بياخد وقت ومحتاج صبر وتقبل، خصوصاً لو كان شخص مر بصدمة.
• الاحتواء: قدم الدعم والاحتواء للشخص ده وناقشه في قيمه وأولوياته الجديدة، بدل ما تحاول ترجعه للماضي.

التغير مش حاجة نخاف منها، لكنه جزء طبيعي من الحياة، بل هو دليل على إنك لسه بتتنفس وبتنمو. التغير بيعلمنا إننا نكون أقوى، نتأقلم مع الظروف، ونطور من نفسنا باستمرار.

المفتاح هو إننا نتعامل مع التغيرات دي بوعي ومرونة، ونستفيد منها بأفضل طريقة ممكنة، عشان نوصل لنسخة أحسن وأكثر نضجا من نفسنا في كل مرحلة عمرية جديدة. التغير هو الثابت الوحيد في الحياة، واللي بيتقبله بيعيش بسلام أكبر.