نعوم شاريز: الرجل الذي دفعت جوجل 2.7 مليار دولار لـ إعادته
في عالم التكنولوجيا، يبرز دائما أشخاص يتمكنون من تغيير مجرى التاريخ. واحد من هؤلاء هو نعوم شاريز، الذي كان له دور كبير في تطوير الذكاء الاصطناعي وتحديداً في مجال روبوتات المحادثة.
في هذا المقال، سوف نغوص في قصة نجاحه منذ بداياته في جوجل وحتى وصوله إلى تطوير تكنولوجيا "كراكتر AI" التي جذبت انتباه عملاق البحث جوجل، والذي دفع مبلغاً ضخماً لإعادة توظيفه.
![]() |
| نعوم شاريز: الرجل الذي دفعت جوجل 2.7 مليار لستعادته، فما سره! |
بداية نعوم شاريز مع جوجل والإنجاز التاريخي
نعوم شاريز، الباحث والمطور البالغ من العمر 48 عاما، انضم إلى شركة جوجل في عام 2000. كان له دور محوري في تطوير العديد من الخدمات التي أصبحت أساسية في حياتنا اليومية، ومن أولى إنجازاته تحسين مدقق الإملاء في محرك البحث جوجل.
لكن الأكثر تأثيرا هو الورقة البحثية التي ألفها في عام 2017 بعنوان "الانتباه هو كل ما تحتاج إليه" (Attention Is All You Need). هذه الورقة قدمت هندسة Transformer الشهيرة، التي أصبحت حجر الزاوية في جميع نماذج اللغات الكبيرة (LLMs) الحديثة، بما في ذلك شات جي بي تي، و "كلود"، و "جيميناي".
تطوير تقنيات توسيع النطاق: لم يتوقف إنجاز شاريز عند هذا الحد، ففي جوجل أيضا اخترع تقنية "Sparselly-gated-mixture-of-experts" (المزيج المقنن من الخبراء)، وهي تقنية أساسية تسمح بتدريب نماذج لغوية ضخمة جدا بكفاءة عالية على نطاق السوبر كمبيوتر. هذه الابتكارات جعلت منه أحد أهم العلماء في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
التحديات وقرار جوجل برفض "مينا":
في عام 2020، قدم شاريز وفريقه روبوت المحادثة "مينا"، والذي كان قادرا على إجراء محادثات متطورة. لكن جوجل، على الرغم من قوة التكنولوجيا، رفضت إطلاق هذا الروبوت للجمهور خوفاً من أن يقول الروبوت أشياء غير مناسبة. هذا التردد من شركات التكنولوجيا الكبرى في المخاطرة كان بمثابة نقطة تحول لشاريز.
إنشاء "كراكتر AI" والنجاح السريع
بعد مغادرته جوجل في عام 2021، أسس شاريز مع صديقه دانييل دي فريتاس "كراكتر AI"، وهي شركة ناشئة متخصصة في تطوير روبوتات محادثة ذات طابع شخصي. الفكرة وراء الشركة كانت بسيطة: إنشاء روبوتات محادثة يمكنها أن تمثل شخصيات مشهورة أو خيالية أو مرشدين متخصصين، مع التركيز على التفاعلات العاطفية والترفيهية.
جذب المستثمرين والتفاعل الجماهيري: التكنولوجيا أثارت اهتمام العديد من المستثمرين، حيث نجحت الشركة في جمع 43 مليون دولار في جولتها التمويلية الأولى. وفي مايو 2023، تم إطلاق التطبيق الرسمي الذي حقق أكثر من 1.7 مليون عملية تحميل في أول أسبوع. تشير الإحصائيات إلى حجم الإقبال الضخم؛ فقد تم تبادل أكثر من 20 مليار رسالة على المنصة منذ إطلاقها، مما يؤكد نجاح نموذجها في جذب المستخدمين للتفاعل لساعات طويلة.
رؤية الذكاء الاصطناعي للمستهلك (Consumer-AGI): يرى شاريز أن Character.AI تعمل على تعريف مفهوم "Consumer-AGI"، أي تطبيق الذكاء الاصطناعي العام ليخدم المستهلك بشكل يومي. فبدلاً من التركيز على نماذج تنجز المهام فقط، يركز الفريق على بناء شخصيات افتراضية ذكية ومرنة قادرة على التفاعل في مليارات السيناريوهات، من الترفيه والدعم العاطفي إلى التعليم المتخصص.
استحواذ جوجل العكسي: إستراتيجية استعادة العقول بـ 2.7 مليار دولار
في أغسطس 2024، أعلنت جوجل عن صفقة بقيمة 2.7 مليار دولار للحصول على ترخيص لاستخدام تكنولوجيا "كراكتر AI". لكن القيمة الحقيقية للصفقة كانت في إعادة توظيف شاريز وفريقه بالكامل. هذا المبلغ الهائل كان اعترافاً متأخراً من جوجل بأهمية الابتكار الذي رفضته سابقاً.
هذا النوع من الصفقات يعرف بـ "الاستحواذ العكسي" (Acqui-hiring)، وهو إستراتيجية ذكية تستخدمها الشركات الكبرى لضم الموظفين الموهوبين بدلاً من شراء الشركات بالكامل. هذا يسمح لجوجل بتعزيز الابتكار داخلها بشكل سريع وتجنب المشاكل القانونية المتعلقة بمكافحة الاحتكار.
قيادة مشروع جيميناي: الآن، يشغل نعوم شاريز منصب القائد الفني لمشروع "جيميناي" في جوجل، إلى جانب خبراء آخرين. هذه الخطوة كانت ضرورية لجوجل لتعزيز قدراتها في تطوير الروبوتات المحادثة والمنافسة بقوة في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي.
أسئلة شائعة حول نعوم شاريز و "كراكتر AI"
ما هي "كراكتر AI"؟
"كراكتر AI" هي منصة محادثة متخصصة في تطوير شخصيات افتراضية ذكية يمكن التفاعل معها، سواء كانت شخصيات مشهورة، خيالية، أو شخصيات تمثل خدمات معينة. الهدف الأساسي هو توفير تجربة تفاعلية حيوية قائمة على الترفيه والدعم العاطفي.
هل روبوتات "كراكتر AI" آمنة؟
تسعى "كراكتر AI" لتقديم تجربة آمنة للمستخدمين. الروبوتات مصممة لتجنب تقديم ردود غير لائقة أو مسيئة، وتتخذ الشركة إجراءات مستمرة لتحديث خوارزمياتها لضمان أن المحادثات تظل ضمن الإطار الآمن والمناسب لجميع الأعمار.
كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين حياة الإنسان؟
يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين جودة الحياة في العديد من المجالات: في التعليم، يوفر منصات تفاعلية لتعليم اللغات. في الرعاية الصحية، يحسن التشخيصات الطبية بتحليل البيانات الضخمة. وفي التجارة الإلكترونية، يساعد في تخصيص تجارب الشراء للمستهلكين.
ما هو مشروع "جيميناي"؟
هو مشروع تدعمه جوجل يهدف إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تنافس تقنيات مثل شات جي بي تي، وهو المشروع الذي يقوده حاليا نعوم شاريز.
في النهاية: الابتكار هو القوة الدافعة
منذ بداياته في جوجل وحتى تأسيس "كراكتر AI"، أثبت نعوم شاريز أن الابتكار والتطوير هما المحرك الأساسي وراء تطور الذكاء الاصطناعي. هذا التحول من الرفض إلى إعادة التوظيف بمليارات الدولارات يؤكد أن العقول المبتكرة هي الثروة الحقيقية في عالم التكنولوجيا. الآن، مع قيادة شاريز لمشروع "جيميناي"، يتجه العالم إلى مرحلة جديدة من تطور الذكاء الاصطناعي، حيث ننتظر المزيد من التقنيات التي قد تغير حياتنا للأفضل.
